redaespan
عدد الرسائل : 158 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 30/03/2008
| موضوع: مصاحف الأمصار وعظيم عناية هذه الأمة بالقرآن الكريم في جميع الأدوار - الإمام الكوثري الإثنين مارس 31, 2008 8:01 pm | |
| مصاحف الأمصار وعظيم عناية هذه الأمة بالقرآن الكريم في جميع الأدوار - الإمام الكوثري قدّس الله سره مقدمة :
لم يسبق لأمة من الأمم في تاريخ البشر أن تعتني بكتاب من الكتب قدر اعتناء هذه الأمة بالقرآن الكريم حفظاً ودراسة وتدويناً لكل ما له به صلة من قرب أو بعد مدى القرون من فجر الإسلام إلى اليوم وإلى ما شاء الله ، وقد صدق الله وعده في حفظه حيث قال: { إنَّا نحنُ نزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لهُ لحافظون }.
فأين سبق في تاريخ البشر أن تحفظ أمة كتاباً تستمر على حفظه على تعاقب القرون ، يستظهره الصغير والكبير ، والناشئ والكهل ، في المدن والأصقاع كلها ، بحيث لو سها تالٍ في كلمة منه أو حرف في أبعد المواطن عن العواصم يجد هناك من يرده إلى الصواب ويرشده إليه - سوى هذا القرآن الحكيم.
وقد حفظته الأمة يوم أن نزل ، واستمرت على استظهاره وحفظه مدى الدهر في الأقطار الإسلامية كلها ، وهذا أمر لا يشك فيه إلا من يشك في ضحى الشمس ، أو يتظاهر بالشك ، لحاجة في النفس في الحقائق الملموسة.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غاية من الإهتمام بتحفيظ كل ما نزلَ من القرآن إثر نزوله ، يحضُّ الصحابة على تعلم القرآن وتعليمه وحفظه واستظهاره قائلاً لهم : ( خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه ) ، وما ورد في هذا الصدد من الأحاديث الصحيحة يُعدُّ بالعشرات.
ونزول القرآن نجوماً سهّل على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أمر حفظه وتعرّف أحكامه ، وإليه يشير قوله تعالى : { وقرآناً فرقناهُ لِتقرأَهُ على الناسِ على مُكثٍ ونزّلنَاهُ تنزيلاً }.
وكان للنبي صلوات الله وسلامه عليه من الكتّاب ما يزيد عددهم على أربعين كاتباً ، يبادر كتّاب الوحيّ منهم إلى كتابة كل ما ينزل من الذكر الحكيم إثر نزوله بمحضر الصحابة ، والصحابة أنفسهم كانوا يسارعون إلى كتابته أو استكتابه كل على حسب استطاعته ومقدار مقدرته. وكانوا يتلونه على الرسول غدوا وعشيّاً لاستظهاره كما نزل. ولهذه العناية البالغة في كتابته وحفظه وتلاوته ترى الكفار يتقولون ما حكى الله سبحانه عنهم حيث يقول : { وقالَ الذينَ كفروا إنْ هذا إلاَّ إفكٌ افتراهُ وأعانهُ عليهِ قومٌ آخرون فقدْ جاءوا ظلماً وزورا () وقالوا أساطيرُ الأولينَ اكتتبها فهيَ تُملى عليهِ بكرةً وأصيلاً }.
وكان الذين لا أهل لهم من الصحابة الفقراء يأوونَ إلى صفّة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحتَ رعايته عليه السلام يتلونَ كتاب الله ويتدارسونه حيث كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يحضهم على حفظه ومدارسته حتى كان لهم دويٌ بالقرآن في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيهم نزل قوله تعالى : { واصبرْ نفسكَ مع الذينَ يدعون ربهم بالغداةِ والعشيِّ يريدون وجهَهُ }.
وكانت الصفة مدرسة لتحفيظ القرآن وتدريس أحكامه لا ملجأ للعجزة فقط. وكم كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرسل منهم إلى القبائل لتعليمهم القرآن وتفقيههم في الدين. وكان في المدينة ، زادها الله تشريفاً ، دار للقراء ينزلها الوافدون من أهل القراءة منذ عهد مصعب بن عمير رضي الله عنه الذي كان بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ليعلم أهل المدينة القرآن. وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أفذاذاً من قرّاء الصحابة أن يقوموا بتعليم القرآن للجمهور ، كما أمر الجمهور بتعلم القرآن منهم حتى امتلأت المدينة المنورة بالقرّاء ، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبعث منهم جماعات إلى الجهات التي أسلم أهلها لتعليمهم القرآن وتفقيههم في الدين ، وعدد هؤلاء في غاية من الكثرة. وقد ذُكرتْ أسماؤهم في كتب السير المبسوطة ، وفي الكتب المؤلفة في الصحابة ، والذين استشهدوا منهم غدراً في بئر معونة فقط نحو سبعين قارئاً حتى استاء النبي صلوات الله عليه من هذا الغدر غاية الاستياء، فاستمر يقنت في الفجر شهراً يدعو على رِعلٍ وذكوان وعُصية بسبب غدرهم بهؤلاء القرّاء.
وبعد هذه الحادثة ازداد اهتمام الصحابة بحفظ القرآن ، وكان من عادة الصحابة أن يعلموا القرآن آيات آيات يقومون بنحفيظ هذا سوراً وذاك سوراً أُخر ليقوم كل منهم بنصيبه من الحفظ تكثيرا لعدد حفّاظ القرآن بكل وسيلة ، فكان منهم من يحفظ القرآن كله ، ونهم من يحفظ سورا فقط يشاركه في حفظها آخرون ، وهكذا باقي القرآن موزعاً على جماعات. ومن لا يستظهر القرآن من الجمهور يكثر فيهم جداً من لا يقل عن أن يكون بحيث ينتبه إلى السهو إذا ما سها التالي، وذلك من كثرة تلاوتهم للقرآن وتوالي استماعهم إليه. وكان بينهم من يؤم القوم في الصلوات الجهرية - لا سيما الفجر - بقراءة السبع الطول، بل كان بين الصحابة من يختم القرآن في ركعة واحدة كما فعل عثمان وتميم الداري رضي الله عنهما ، وفعل مثل ذلك أبو حنيفة في عهد التابعين ، وليس بقليل بين السلف الضالح من كان يختم القرآن في كل رمضان ستين ختمة ، وأبطأ أهل العلم في كل طبقة من يختمه في كل شهر مرة ، والأغلبية العظمى في كل طبقة على ختمه في كل أسبوع مرة.
وسهّلَ حفظ القرآن على الصحابة ما آتاهم الله من قوة الذاكرة وسرعة الحفظ وما حفظه العرب من القصائد والخطب والشواهد والأمثال مما يدهش الأمم ، ويقضي لهم بالتفوق البالغ في الحفظ إلا عند أهل القلوب المريضة والأضغان المميتة ، فيظهر من ذلك كيف يكون حالهم في حفظ القرآن الذي أخذ بمجامع قلوبهم ، وبهر بصائرهم ببلاغته البالغة ومعانيه العالية مما ينادي بأنه تنزيل من حكيم حميد.
يتبع__________________ | |
|
do3ae_hajar الادارة
عدد الرسائل : 209 العمر : 37 الموقع : http://al3ola.19.forumer.com تاريخ التسجيل : 08/02/2008
| موضوع: رد: مصاحف الأمصار وعظيم عناية هذه الأمة بالقرآن الكريم في جميع الأدوار - الإمام الكوثري الجمعة أبريل 11, 2008 1:11 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
جزاك الله كل خيرعلى الموضوع
| |
|
نور الدنيا مشرف عام
عدد الرسائل : 248 العمر : 35 تاريخ التسجيل : 13/02/2008
| موضوع: رد: مصاحف الأمصار وعظيم عناية هذه الأمة بالقرآن الكريم في جميع الأدوار - الإمام الكوثري السبت أبريل 12, 2008 12:14 am | |
| | |
|